![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgqeCnwfctSxUAQjmIewTfXrj2sKzdyYC9PvuvTQz_qfq8Ypew-gHEx2qgYQKiOMtQjwyBilSM9VXBCypuHXmG0XtKfsF5HAyK1XDY4A0oP60DPlz86WNmp8z0fLOqI55Y6BldKS6_yJeX-/s1600/royal-crown-1.jpg)
كنت أتمنى أن أراك قبل أن أغادر ، و بما أنه ليس في الإمكان ، فعدني أنك كل ما تتذكرني تبتسم :) .ابتسمت ابتسامة أكبر من سابقتها عندما أخبرتها شبكة المحمول أن الرسالة وصلته ، فوضعت الهاتف إلى جوارها في هدوء و أغمضت عينيها لا لتنام و إنما لتسرح في أحلامها .
على الجانب الآخر ، كان هو منهمك في عمله ، سمع صوت هاتفه يخبره أن هناك رسالة ، كان الهاتف بعيدا عنه فنظر إليه نظرة عابرة ثم استأنف عمله بكل تركيز ، و بعد نصف الساعة ، قرر أن يأخذ قسطا من الراحة ثم يعود ، همُّ أن يخرج من غرفته ليحضر شيئا يشربه، و لكنه تذكر أن الهاتف كان قد أصدر صوتا ما ، فالتقطه و فتح الرسالة و قرأها للمرة الأولى فلم يفهم منها شيئا، فجلس على أقرب كرسي و عيناه لم تفارق هاتفه و قرأ الرسالة مرة أخرى ثم ثالثة فلم يفهم أيضا ، فاتصل بها ...
كانت هي مستغرقة في أحلام يقظتها و إذا بهاتفها يصدر نغماته التي وضعتها خصيصا له ، فانتفضت عندما أدركت أنه هو ، فقد كان معها في أحلامها منذ ثوان ، تاهت لبرهة بين الحلم و الحقيقة ثم فأمسكت بهاتفها في لهفة و كادت أن ترد ، و لكنها نظرت لولدتها التي بدورها نظرت إليها متسائلة : ما تردي على التليفون ؟!
قالت بملامح متوترة : أه حاضر ماشي ها أرد أهو .
و لكن بداخلها لا تريد أن تفعل أمام والدتها ، و لكنها مضطرة فضغطت على زر الإجابة و هي تغمض عينيها و تتمنى من كل قلبها أن يفصل الاتصال ، و هذا ما حدث بالفعل ... فتنهدت بارتياح و قالت لوالدتها : الخط فصل.
فقالت الأم : هم أتأخروا كده ليه مش المفروض تكوني بدأتي من نص ساعة ؟ أنا ها أروح أشوف الدكتور فين .
هي – و كأن والدتها أهدتها الحل - : أه يا ماما صح هم قالوا كده روحي استعجليهم .
بالطبع كانت في أسعد حالاتها أن أمها سوف تغادر الغرفة ، غادرت الأم و نظرت هي إلى الهاتف الذي لم تتركه من يدها و قالت للهاتف : اتصل بقى يالا ياااالا.
و إذا به يتصل مرة أخرى ، كان قلبها يرقص من الفرحة و خرجت منها أصوات فرحانة مكتومة ، و استجمعت شجاعتها كي يبدو صوتها خاليا من أي انفعال قائلة : السلام عليكم
هو : و عليكم السلام و رحمة الله ، أزيك ؟
هي : الحمد لله ، إيه الأخبار؟
- تمام الحمد لله ، إيه الرسالة اللي بعتيها دي مش فاهم حاجة ؟!
- احم ، أه ما هو أنا أقصدها بجد .
- يعني إيه تقصديها ؟ قبل أن تغادري فين إن شاء الله ؟!
- احم أغادر امممممم أغادر ..... اختلطت الحروف بالدموع و احتبست في حلقها تفتح فمها كي تجيب على تساؤله و لكن الحروف خانتها و لم تخرج.
- ألو ... أنتي معايا ؟
ردت و البكاء يملأ الحروف
- أه
- مالك أنتي كويسة ؟ في إيه؟
نزلت الدموع من عينيها في استسلام ، و تبدلت أحوالها و اختفت الابتسامة ، ما كانت تنوي أبدا أن تخبره بالحقيقة و لكن هذا ما تعودت مع عليه كأصدقاء ، فكيف تكون آخر كلمات بينهما كذب !!!
- في المستشفي
- ليه خير مامتك كويسة ؟
- أها دا أنا تعبت شوية و جابوني هنا من أسبوع كده
- أسبوع ! و متقوليش؟ سلامتك مالك في إيه ؟
- باخد علاج كيميائي
انهمرت في تلك اللحظة دموعها ، و هو على الطرف الآخر يتساءل في هلع
- اللي هو ازاي يعني ، عاوز افهم في إيه و كيميائي ليه و أمتى ده حصل ؟
- كنت حسيت بشوية دوخة و بعدين بقت إغماء فلما كشفت عرفت من أسبوع واحد.
صمت هو لحظات لكي يستوعب ما تقوله هي ، فما تقوله ضرب من الخيال بالنسبة له لم يكن يتخيل أن يسمع هذه الكلمات منها أبدا ... و في خلال صمته كانت تبكي و بشدة ، ثم استجمعت قوتها و أجبرت نفسها على الابتسام وسط الدموع حتى تقول بصوت مخنوق
- إيه يا ابني مالك في إيه ، الحمد لله على كل حال و أنا راضية جدا و الحمد لله
لم تتلق أي رد منه فلم يفق بعد من صدمته بعد
- ألوو ألوووو أنت معايا ؟
فرد بصوت خائف و خافت
- و أنتى عاملة ايه ؟
- تمام الحمد لله ، يالا يا عم هاتستريحوا مني و من دوشتي
كانت تلك الكلمات كفيله بانهيارهما في البكاء ... ظلا هكذا لدقائق ثم قال لها بصوته الباكي تختفي نصف حروفه
- أنا مش مصدق ، ازاى ده حصل طيب
- قدر الله و ما شاء فعل و أنا و الله راضية أنا بس ... ... (لحظات صمت و بكاء) ... هاتوحشوني ....
ثم أجهشا بالبكاء مرة أخرى و طالت الدقائق هذه المرة فتصور كل منهما اللحظات الصعبة التي تنتظرهما بعد ساعات ...